Sunday, April 01, 2007

تحديات أمام العقل المسلم
اهتممت لفترة بموضوع إعجاز القرآن الكريم باعتبار أنه الركن الأساس للتصديق برسالة الإسلام ثم تجدد هذا الاهتمام مع موجة الحوار
حول ما سمي بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم وهو نقاش متجدد في العصر الحديث والملفت للنظر أن هذا الموضوع لم يكن مطروقا بكثرة أيام الإيناع الحضاري للمسلمين وربما كانت من الإشارات القليلة لهذا الموضوع ما نقله السيوطي في الإتقان من أن القرآن الكريم قد تضمن أصول العلوم قاطبة في حين انشغل العديد من المفكرين بمسألة "الإعجاز العلمي" منذ هجمة البغي الأوربي على العالم الإسلامي والافتتان بمنجزات الغرب العلمية حتى أخرج الشيخ "طنطاوي جوهري" ما أسماه تفسيراً علمياً للقرآن الركيم وكان على الفكر الإسلامي أن ينتظر سنين طويلة حتى يعلن فقيه عالم مثل الشيخ طه العلواني بوضوح أن حقيقة الإعجاز العلمي هذه لا تتحقق إلا عندما يطور عالم ما نظرية يستلهمها من القرآن الركيم ويتحدى نظراءه أن يأتوا بأفضل منها لا أن يقوم بإسقاط النظريات العلمية الحديثة على القرآن الكريم مدعياً إشارته لها من قديم
وفي ظني لن يوجد مثل هذا العالم أبداً لا لأن القرآن الكريم أخبر الله تعالى فيه أته كتاب رحمة وهداية و ليس كتاباً يعلم الناس حقائق الكون المنظور الذي طلب إليهم في آياته أن يمشوا ويتدبروا في خلقه فما كان القرآن الكريم ليقرر حقائق الوجود دفعة واحدة ليعيش الناس بعدها في عطالة فكرية مستمرة.. لا ليس لهذا وحده بل أيضاً لأن من طبيعة المشتغل بالنشاط العلمي ألا يقوم عن قصد بإعلان وتحديد موجهات نشاطه العلمي فعلى سبيل المثال لم يقف ماركس ليعلن أنه بحكم خلفيته الدينية اليهودية سيقوم بكذا وكذا لكن أصبح في حكم المقرر الآن أن كارل ماركس عندما وضع أصول مذهبه المادي منقلباً على هيجل كان متأثراً بيهوديته بل وبأسلوب قراءة الأحبار للتوراة وتفسيرها (المدراش) حتى أنه أمكن للعديد من الباحثين أن يتتبع بسهولة هذا التأثير في العديد من كتاباته.
فمن طابع النموذج المعرفي الإرشادي ورؤية العالم التي تكمن خلفه أن تكون نوعاً من الخلفية الفكرية والشعورية ومن ها كانت أزمة من رفعوا شعار إسلامية المعرفة ومناهضوه على حد سواء .
فمن رفعوا هذا الشعار انغمسوا في التأصيل للأسس والقواعد التي ستحكم تأصيل هذه المعرفة افسلامية المرتقبة والمناهضون لهذا الشعار يتساءلون مستنكرين أين هذا الأنموذج المعرفي الإسلامي وما معالمه وأين هي المعرفة الإسلامية والعلوم الإسلامية المبشر بها؟!
وبطبيعة الحال لم تكن المشكلة في الشعار نفسه و لا في صاحبه إسماعيل الفاروقي رحمة الله عليه فالشعار كأي فكرة جنينية لابد أن تكون عامة وغائمة إلى حد ما كما أنه استهدف بهذا الشعار رد الثقة إلى العلماء المسلمين في ثقافتهم وحضارتهم وعلومهم فالباحث المسلم عندما يحتك بالعلوم التي تدرس في المدارس العلمية ا؟لأوربية والأمريكية يفاجأ بهذا الكم الهائل من التراث العلمي الذي قد يراه البعض بناءاً علمياً فخماً مهيباً ويراه آخرون "تيها وركاماً" فإما ان ينخرطوا في الآلة البحثية الغربية او ينكصون إلى موقف دفاعي يهيم في التغني بالأيام الخالدة التي علم فيها المسلمون العالم.
فهنا مشكلة مزدوجة بين تطاول الأمد في حالة الجهل والتمسك بقشور العلوم الموروثة وغياب العقلية الناقدة التي تستوعب الفكر الغربي دون أن يستغرقها لتتجاوزه وبين الهوة السحيقة بين العرب والمسلمين وما أنجزه علماء الغرب في مختلف المجالات.
وفيما أطن لن يفيد في هذا الوضع دعوة الباحثين المسلمين إلى إسلامية المعرفة ولا دعوات اللحاق بركب العلم الغربي و اللهاث وراء كل حديد ينتجه في مجال المنعرفة والعلم بل لابد من مواجهة مشكلات واقعنا مواجهة جادة فالنماذج المعرفيوا
والعلوم المتولدة عنها لا تبنى في أذهان العلماء الذين يدورون حول ذواتهم بل على الأرض وفي سياق مواجهة التحديات الحياتية التي ترهق الإنسان العربي المسلم ولعل من أهم مشكلات هذا الواقع مشكلة التكوين العلمي والتعليم بشكل عام في مواجهة محاولات التجهيل والتخدير والتضليل ولها حديث آخر.